سلايد 1
عصف ذهني حول فرص النشر في السوق الإماراتي

نظّم موقع «ناشر» مساء أمس الأول في «كافيه كتاب» في دبي، أمسية ثقافية ناقشت فرص النشر في السوق الإماراتي، وشارك فيها كل من: الدكتور عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث والكاتب الدكتور محمد بن جرش، والشاعر والناشر طلال سالم، والكاتبة والمصورة سحر الزارعي، والكاتبة إيمان بن شيبة مؤسسة ومديرة شركة سيل للنشر، والكاتبة مريم الحمادي، والإعلامي عبد الرؤوف أمير، وأدارها محمد العطار المنسق العام للموقع.
بداية، أشار المتحدثون إلى الجهود التي تبذلها جمعية الناشرين الإماراتيين، وما تقوده من رؤى على صعيد تنظيم العلاقة بين الناشرين المحليين والمؤسسات الرسمية في الدولة، وتفعيل الشراكة والتعاون بين الكتّاب والناشرين، إلى جانب توسيع حضور صنّاع الكتاب المحلي على المستويين العربي والعالمي.
واستعرضت الجلسة تجربة موقع ناشر، وحضوره في المشهد الثقافي العربي، حيث قدم محمد العطار ملخصاً للرؤية والأهداف التي ينطلق منها، موضحاً أن «ناشر» «انطلق في سنة 2016، ليشكل منصة تواصل وتفاعل بين الناشرين والمهتمين بصناعة النشر من أنحاء العالم كافة».
وقال العطار: «يسعى «ناشر» إلى أن يكون الوجهة الأولى للاطلاع على كل ما يدور في قطاع النشر، من أحداث وفعاليات وقضايا ودراسات وفرص، حيث يفتتح صفحاته للناشرين والمهتمين بهذا القطاع لعرض آرائهم ووجهات نظرهم التي تثري صناعة النشر وترتقي بها إلى مستويات أعلى من التطور والنمو».
وتحدث د. عبد العزيز المسلم عن بدايات النشر في الإمارات، حين كانت التخصصات تقتصر على كتب الشعر والقصة القصيرة، ومع تقدم الدولة ظهر نوع جديد من الناشرين ينتمون للقطاع الخاص، أسهموا في توزيع كتب المؤلفين والتعريف بها، وهذا القطاع، كما أوضح المسلم نافس النشر العام في مرحلة من المراحل، غير أنه مارس بعض الحيل في ترويج المؤلفات كاعتنائه بالغلاف من الناحية الفنية على حساب المحتوى الثقافي والمعرفي للكتاب، وهذا يعيدنا إلى المربع الأول وهو القطاع الحكومي الذي رسّخ للجودة، لكنه يحتاج إلى التطوير وانفتاحه على مجالات ثقافية وفكرية متنوعة.
وتحدث المسلم عن ظهور نوع جديد من المؤلفات، وهو كتب التراث الإماراتي، وهو المجال الذي رافقه منذ سنوات طويلة بحكم تخصصه في هذا الحقل الواسع، المفتوح على أبواب الحكاية الشعبية الشفاهية والمروية، وهو حقل له قراؤه ورغم أنهم فئة قليلة، غير أنهم يتزايدون يوماً عن يوم.
وتوقف المسلم عند قضايا أخرى ذات صلة بالنشر كوفرة الكتّاب الإماراتيين وغير الإماراتيين في الدولة، وضرورة وجود مقيّم ثقافي للكتب عند دور النشر، ناهيك عن ضرورة توفر أجواء تحتفي بالكتّاب وتعرف بهم، كما أكد المسلم ضرورة وجود معايير عصرية لترشيح الكتب للنشر، ذات صلة بالإبداع الحقيقي الذي يراعي الكيف على حساب الكم.
بدوره ركز د. محمد بن جرش على موضوع جهود الإمارات في التحوّل نحو مجتمع المعرفة، والابتكار والبحث في جميع المجالات، من أجل التطوير والتميز، وهو ما يجب انتهاجه في المجال الثقافي، خصوصاً في مجال الصناعات الثقافية، التي تشمل صناعة الكتاب والنشر، مع ضرورة الاهتمام بالدراسات والأبحاث التي تعنى بهذه الصناعة الحيوية والمتخصصة، وتطرق ابن جرش إلى أهمية التخطيط الاستراتيجي في رعاية المواهب الأدبية، وإطلاق مبادرات تهدف إلى خلق بيئة حاضنة للمواهب الأدبية، ورعايتها، وتكوينها بشكل سليم، حتى تتمكن من المنافسة عالمياً، وقال ابن جرش: «ينقصنا وجود بنك للمعلومات والبيانات، وهذا أدى إلى تسرب المبدعين من المواهب الشابة لعدم المتابعة المنهجية المبنية على أسس علمية». وأضاف: «أنا على يقين بأن العمل الثقافي يحتاج إلى مأسسة، فقانون القراءة الوطني، وأيضاً تحدي القراءة، منحنا وعياً بأهمية التدقيق فيما هو متوفر من استبيانات وإحصاءات، حيث اتضح أن نسبة القرّاء أكثر بكثير مما هو مرصود في تقرير التنمية الإنسانية العربي الصادر منذ عدة سنوات، وهو مؤشر إيجابي يحتاج إلى تخطيط استراتيجي للوصول إلى قمة العطاء والإبداع في المجال الثقافي والأدبي بوجه خاص.
وتحدث طلال سالم عن معوقات النشر في الإمارات، ومن ذلك غياب حاضنات ثقافية متخصصة ترعى القراء وتوجههم إلى التخصصات الثقافية والفكرية التي يبدعون فيها، وفي ذات الإطار غياب حاضنات ترعى الكتّاب أنفسهم وتوجههم، لا سيما المبدعين الشباب، نحو تنمية مهاراتهم في التخصصات التي يبدعون فيها، ونوه طلال سالم باقتصار الساحة المحلية على التخصصات الكلاسيكية المعروفة، كالشعر والقصة والرواية، وضعف اهتمام مؤسسات النشر الإماراتي بالتخصصات الثقافية والفكرية المختلفة، كما أشار إلى مسألة التفرغ الإبداعي، الذي -إن وجد- سيعمل على ازدهار الثقافة، وتطوير عملية النشر نحو الأفضل، وفي ختام حديثه أكد ضرورة التزام الكاتب بمشروع حقيقي يستمر في تطويره ونادى بطاولة حوار تجمع أطراف عملية صناعة الكتاب لمناقشة كل ما يستجد في سوق النشر المحلي والعالمي.
أما سحر الزارعي فأشارت إلى غياب ما أسمته «الوكيل الأدبي»، وكذلك الإحصاءات الموثقة التي تقدم دليلاً للناشر الإماراتي، وكذلك غياب «رعاة» للكتاب، كما نوهت بموضوع الترجمة، وما هو متوافر من أعمال أدبية وثقافية، تغلب عليها الركاكة الأدبية وضعف الترجمة هذا كما تشير الزارعي – أضر بالسوق الإماراتية، في ظل وجود دور نشر عربية تقدم كل ما هو جيد في هذا الإطار.
ومن واقع خبرتها الميدانية في هذا المجال رصدت إيمان بن شيبة معوقات سوق النشر الإماراتي، في نقاط محددة، أبرزها تشابه معظم مقتنيات دور النشر الإماراتية في تركيزها على الرواية أولاً ومن ثم القصة القصيرة، ومن بعدهما الشعر، ورأت أن ذلك لا يعبر عن توق القارئ الإماراتي للمعرفة وتنويع المصادر الثقافية التي يريدها، وفي ذات الإطار أشارت إيمان بن شيبة إلى ضعف النتاج الأدبي المقدم للطفل، وانحسار أدب اليافعين عن معظم دور النشر الإماراتية، وضرورة الوعي بمتطلبات القارئ الإماراتي، وافتقار الساحة لدورات مهنية متخصصة في صناعة الكتاب، ورأت أن هناك فرصة حقيقية لمعالجة كافة قضايا وإشكاليات قطاع النشر، بما توفره الإمارات من تكنولوجيا وفرص متطورة منفتحة على العالم، وهذا يثري المحتوى الفكري ويدعم النتاج المحلي وينشط عملية توزيع الكتاب على نطاق أوسع.
واتفقت مريم الحمادي مع كثير من النقاط التي أثيرت في الأمسية الثقافية، وأشارت إلى افتقار الساحة الثقافية إلى مصادر محددة للقراءة، وأنه يجب توعية الجمهور القارئ بأفضل الإصدارات الثقافية، كما نوهت بأهمية الميديا الحديثة وما توفره وسائل التواصل الاجتماعي من خدمة تهم الناشرين والقراء على حد سواء.
بدوره تناول عبد الرؤوف أمير، مسألة طغيان الرواية على معظم إصدارات دور النشر المحلية، واصفاً هذه الظاهرة ب «الموضة»، وشبّه ذلك بما كان سائداً في الماضي، حيث كان الشعر سيد الموقف وبمثابة منصة إخبارية وثقافية لا غنى لها، واعتبر أن سعي دور النشر نحو طباعة ونشر وتوزيع الرواية، يشي بتحوّلها عند كثير من دور النشر إلى ظاهرة تجارية، ونادى أمير بضرورة التنويع في المصادر الثقافية التي تنمي ملكات الإبداع والابتكار عند القراء، وحمّل دور النشر مسؤولية كبيرة في تصنيف العلوم، وأكد ضرورة الاستفادة من «الميديا الحديثة» بما توفره من تنوع ومجاراة لسوق الكتاب في العالم.
الخليج