سلايد 1مجلات ودوريات

كوادر إماراتية تروّض الوحوش

من نافذة بيع تذاكر الدخول إلى حديقة الحيوانات بالعين تطل وجوه من الجنسين بملامح ولسان وزي محلي إماراتي، وعند الدخول إلى الحديقة يلاحظ الزائر أن تواجد المواطنين لا يقتصر فقط على الوظائف المكتبية، بل باتوا يشغلون مواقع أخرى تتطلب قدرة على مواجهة تحديات اجتماعية ونفسية، حيث عملت مواطنة في مجال تدريب الطيور الجارحة والببغاوات وشاب في مقتبل العمر عمل في مجال ملاحظة وتدريب الأسود والفهود والنمور، وغيرهم من الشباب والشابات المواطنين حملة الشهادات العلمية الذين عملوا في مواقع مختلفة بحديقة الحيوانات بالعين التي وصلت فيها نسبة التوطين إلى 56%.
نماذج إماراتية مشرفة، وجدت في العمل بحديقة الحيوانات بالعين فرصة لخدمة الوطن، وتطوير الفكر الاجتماعي ودحر ثقافة الخجل من ممارسة بعض المهن لدواعٍ اجتماعية، ومواجهة التحديات التي تحجب النساء عن خوض مجالات جديدة تواكب متطلبات الدول العصرية المتقدمة، وشباب غيروا المفاهيم المغلوطة عن الشاب المواطن الباحث عن عمل ينحصر ضمن إطار العمل المكتبي وأجهزة الحاسوب فقط.
«الخليج» التقت مجموعة من المواطنين والمواطنات الموظفين في حديقة الحيوانات بالعين، حيث أكد بعضهم أنهم يعتبرون من أوائل المواطنين لبعض أنواع من الوظائف وهو ما اعتبروه وسام شرف وواجباً وطنياً حيث إن التواجد في المواقع السياحية يعتبر عنواناً حضارياً وجزءاً من التعريف بالثقافة والعادات والتقاليد المحلية بلسان أبناء الوطن.
قالت جواهر سالم الشامسي مشرف تدريب طيور الجوارح والببغاوات بحديقة الحيوانات بالعين، وأول مواطنة تعمل في هذا المجال على مستوى الدولة، منذ نعومة أظفاري أهتم بتربية الحيوانات بشكل عام حيث كنت حريصة على متابعة الأفلام الوثائقية الخاصة بالحيوانات في بيئتها الطبيعية، وعندما علمت بوجود وظائف شاغرة في حديقة الحيوانات بالعين وجدتها فرصة مناسبة للالتحاق بعمل يتناسب مع مواهبي واهتماماتي.
وأضافت: بعد إتمام إجراءات التوظيف تم إخضاعي لدورات تدريبية مكثفة لمدة ثلاثة أشهر من قبل مختصين في المجال، حيث بدأت بتدريب الطيور الصغيرة وبعد أن نمت مهاراتي بدأت بتدريب الطيور الجارحة والتي يصل عددها إلى 92 طيراً موجودة جميعها في مركز تدريب الطيور بالحديقة وتضم الصقور والبوم والنسور والعقاب والببغاوات وأقوم بتدريبها لتأدية العروض اليومية في الحديقة وأيضاً العروض الخارجية في المهرجانات الهامة المحلية.
وقالت: العمل في هذا المجال يعتبر متعة بالنسبة لي بالرغم من الصعوبات والتحديات التي واجهتها خاصة أنه كان حكراً على الرجال دون النساء، ففي بداية الالتحاق بالعمل كان المشهد غريباً للزوار لكن مع مرور الوقت وفي السنوات الأخيرة اختلف الأمر بعدما كنت أواجه العديد من التساؤلات من قبل الزوار عن أسباب تواجد مواطنة في هذا المجال، وكنت أرد عليهم بأن الدولة وقيادتها الرشيدة حفظها الله تدعم المرأة وتشجعها للعمل في مختلف الميادين وهو ما يتطلب من المواطنات الاستجابة للمساهمة في التطوير والعمل جنبا إلى جنب مع الرجل.
وتابعت: بالإصرار والعزم على المواصلة، ومع اعتياد الزوار على وجودي في مجال عملي، بدأت المسألة عادية بل وجدت عدداً من الفتيات يسألن عن كيفية الالتحاق والتطوع في مجال تدريب الحيوانات بشكل عام والطيور بشكل خاص، كما أن نظرات الإعجاب بما أقدمه كمواطنة بدأت ألاحظها في عيون الزوار الذين يصفقون إعجابا بالعروض المميزة التي نقدمها في الحديقة.
وعبرت الشامسي عن أملها وطموحاتها في أن يزداد عدد المواطنات المنضمات إلى فريق تدريب الطيور الجارحة، كما عبرت عن طموحها في تقديم عروض خارج الدولة لإبراز إنجازات الدولة في تنمية مواردها البشرية وإفساحها المجال للمرأة المواطنة ودعمها لخوض مختلف الميادين والمجالات المهنية.

نمط حياتي

قال سعيد راشد الزعابي، وهو في أوائل العقد الثاني من العمر، ويعمل ملاحظ حيوانات أول في قسم آكلات اللحوم بالحديقة، أتاحت لي الحديقة فرصة إشباع شغف التواجد مع الحيوانات ومتابعتها في بيئتها التي تعيش فيها وعن قرب حيث إنني من المهتمين جدا بالحيوانات من صغري وكان التواجد ضمن فريق عمل بحديقة الحيوانات حلماً بالنسبة لي. وذكر: أن العمل ساهم في إحداث تغيير جذري بنمط حياتي وطريقة وأسلوب تفكيري وأيضاً اتساع دوائر الاهتمام والثقافة بشكل عام حيث تم إخضاعي لدورات تدريبية مكثفة تمكنت بعدها من إثبات قدراتي في المجال الذي أشعر بشغفي نحوه لأمارس مهنتي بثقة وعزيمة وقدرة على مواجهة التحديات التي من أبرزها التعود على تحمل المسؤولية واتخاذ قرارات صحيحة في الوقت المناسب، حيث إن التعامل مع الحيوانات آكلات اللحوم يتطلب الصبر والدقة والحرص وأيضا مواصلة تحديث المعلومات.
ومن المواقف التي تعلق في ذاكرته والتي تشير إلى مدى قدرته وتميزه في تدريب الحيوانات قال إنه كان متواجدا في قفص يتواجد به ثلاثة من الفهود أمام الجمهور وتمكن خلالها من تقديم عرض مميز برز من خلاله مدى تجاوب آكلات اللحوم لمدربها الشاب.

صورة رائعة

أما لطيفة خميس الشامسي، متخصصة في إدارة المكاتب من كلية التقنية العليا، فقالت: بدأت العمل في الحديقة منذ 7 سنوات كموظفة بيع تذاكر، وتدرجت في السلم الوظيفي بعد أن أثبتت مهاراتها وقدراتها في مجال عملها لتصل إلى موظفة مسؤولة عن التذاكر، تمارس كافة المهام المنوطة بها بفخر واعتزاز كونها تقدم نموذجا للمرأة الإماراتية التي تساهم في بناء الوطن وخدمته، وثقة بالنفس وعزيمة وإصرار مكنتها من مواجهة كافة التحديات.
وقالت: بعد أن تقدمت للعمل في حديقة الحيوانات وتعريفي بالمهام المنوطة بي وإخضاعي للتدريب على الاستقبال وكيفية التعامل مع الجمهور وطريقة تقديم المعلومات وغيرها، تسلمت مهام عملي الذي أمارسه بحب ورغبة في تقديم صورة رائعة عن المرأة المواطنة وعزيمتها وإصرارها وأيضا الترحيب بالزوار بالطريقة المحلية وتعريف السياح والزائرين بثقافة المجتمع المحلي من خلال أبناء الإمارات.
وعن التحديات التي واجهتها قالت الشامسي إن الحديقة تستقبل أعداداً كبيرة من الزوار خاصة خلال الأعياد والعطلات الرسمية، الأمر الذي يتطلب من الموظف إنجاز مهمته في قطع التذاكر وتقديم المعلومات للزائر خلال مدة لا تتجاوز 60 ثانية فقط، وهو ما يتطلب مستوى تركيز عالياً لأتمكن من سرد المعلومات عن الحديقة خلال قيامي بطباعة التذاكر بالإضافة إلى الإجابة عن الاستفسارات إن وجدت.
وتعمل مريم محمد النيادي مرشدة سياحية في سفاري حديقة الحيوانات بالعين، حيث تقود مركبة رباعية الدفع تصطحب من خلالها السياح في جولة سفاري وتقدم لهم خلالها كافة المعلومات عن الحيوانات الموجودة وأسلوب ونمط حياتها.
وقالت إن القيادة الرشيدة حفظها الله، قدمت كافة التسهيلات والدعم للمواطنات وشرعت أمامهن مختلف المجالات العلمية والعملية وهو ما يجعلني كامرأة أشعر بالفخر والمسؤولية تجاه الوطن الذي يحتاج إلى سواعد أبنائه من الجنسين، كما أن المرأة المواطنة أثبتت جدارتها في مختلف المجالات ومنها اقتحام الوظائف غير النمطية أو المألوفة لدى المجتمع المحلي خاصة عند الإناث مثل المرشد السياحي.
وأشارت النيادي إلى أن العمل في مجال الإرشاد السياحي يتطلب مستويات عالية من الوعي والثقافة والدقة في تقديم المعلومات العلمية الصحيحة عن الحيوانات وأيضا إثراءً مستمراً للمعلومات حتى يتمكن المرشد من الإجابة على استفسارات الجمهور حول الحيوانات وبيئتها وطبيعتها، وهو ما ساهم في اتساع دائرة الاطلاع وأيضاً الاهتمام إلى جانب إثراء المحصلة باللغات الأخرى مثل الصينية واليابانية وغيرهما.

الخليج

إغلاق