سلايد 1
30 عملاً تصويرياً تبرز سحر الحرف العربي في ملتقى الشارقة للخط

افتتح عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، بحضور محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، وسالم الجروان نائب رئيس الجامعة القاسمية للشؤون المالية والإدارية، ضمن فعاليات ملتقى الشارقة للخط في دورته الثامنة «جوهر» معرضاً للتصوير الضوئي بعنوان «بين التصوير الضوئي وسحر الخط» بالتعاون مع اتحاد المصورين العرب، في مقر الجامعة القاسمية بالشارقة.
اشتمل المعرض على 30عملاً ل 30 مصوراً من فناني التصوير الضوئي من أعضاء اتحاد المصورين العرب، تناولت الأعمال الخطّ العربي بفنونه من تراكيب بصرية آسرة، وأساليب فنية متنوعة، تعود لأبرز الخطاطين، التقط هؤلاء الفنانون بأدوات تسجيلهم الضوئية وتقنياتها الرقمية مشاهد مختلفة من الصور التي توثق إبداع هؤلاء الخطّاطين.
الإبداع والتلقي ثنائية متكاملة محكومة غالباً ببعضها بعضاً، فلا حياة لجهد إبداعي من دون أن يتوجه لمتلق واضح المعالم، وكائن متشوق للإبداع، لعل تلك الفكرة هي التي هيمنت على الندوة الفنية التداولية (جوهر الإبداع والتلقي في التجليات الجمالية للحرف) التي انعقدت صباح أمس، في الجامعية القاسمية، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من ملتقى الخط في الشارقة، وشهدت حضور محمد القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة، وعدد كبير من الباحثين والمهتمين بجماليات الخط العربي و فنونه الإبداعية.
شملت الندوة جلستين أولاهما شارك فيها بأوراق بحثية كل من: الدكتور حاتم الصكر من العراق، بورقة «جماليات الحرف العربي في القصيدة»، والدكتورة هند الصوفي من لبنان بورقة تحت عنوان «من الحروفية إلى ما بعدها»، وإبراهيم آيت زيان من المغرب بورقة «جوهرية مقام الجمال في الخط العربي»، وأدار الجلسة محمد العامري من الأردن.
وضمت الجلسة الثانية كلاً من محمد العامري بورقة «الأنساق الحروفية في الممارسة التشكيلية العربية»، والدكتورة التونسية هالة الهذيلي التي شاركت بورقة تحت عنوان «تجليات الفنون الخطية في الإبداعية المعاصرة»، والدكتور محمد عبد الرحمن من السودان بورقته «تعدد مصادر الإبداع والتلقي» وأدارتها الدكتورة هند الصوفي.
قدم للندوة منسقها قصي بدر الذي قال إن هذا اللقاء الفكري المتمثل في الندوة الفنية التداولية بات علامة بارزة في السياق التاريخي للملتقى، من باب الحرص على اقتران العمل الفني بقراءته لدى المتلقي والناقد، وأشار إلى أنه من خلال هذه الندوة وما يتم خلالها من تباحث وتبادل للآراء والأفكار في ظل المناهج النقدية المعاصرة، سنتعرف بشكل أكبر على واقع الفنون الخطية الأصيلة والمعاصرة، وبالتالي نقف باهتمام عند كل القضايا الإشكالية التي تخص التشكيل الحروفي، والخط العربي.
وأكد قصي أن اختيار موضوع «جوهر الإبداع والتلقي في التجليات الجمالية للحرف»، جاء للوقوف على حيثيات العلاقة بين الخطاط وبين القارئ لثنائية المبنى والمعنى في المنجز الخطي، من خلال البحث في آليات التلقي وجوهره، وبالتالي البحث في جوهر الخط العربي كعمل فني.
وفي مداخلته في الجلسة الأولى أبرز الدكتور الصكر جملة الانزياحات والتحولات التي أدت إليها الحروفية العربية، وقال في هذا الإطار: «أبرز الانزياحات والتحولات التي أدت إليها الحروفية العربية، هي توسيع مدى العناية بالخط والحرف، والانتقال بهما من التعامل التقليدي والحقل المهني الضيق للخط كحرفة إلى التعامل الجمالي الأوسع، والالتفات للطاقة الجمالية الرمزية في الحرف العربي خارج نطاق الوظيفة الخطية أو المعنوية».
وأكد الدكتور حاتم أن الشعراء العرب اهتموا وتكفلوا بإعطاء الحرف أبعاده المتمثلة في قوة المعنى وجوهريته، وأضاف أنهم استندوا في ذلك إلى مؤثرين بارزين هما: التراث الخطي العربي وفلسفته المتمثلة في تأويل الحروف وربطها بالحالات الإشراقية والوجد الروحي، وهو ما يتمثل في أدبيات المتصوفة العرب ومؤلفاتهم وتصنيفاتهم في الحرف، ومعانيه، وتأويلاته، والثاني هو تيارات التجديد الحداثية التي حثت على تبدل المراجع والبحث عن طرق جديدة للتعبير الشعري والأسلوبية النصية، ومن خلال ذلك التفت الشعراء إلى الكنز الحروفي الذي تحمس له مجددون عالميون.
الدكتورة هند الصوفي ناقشت من خلال مداخلتها الأنساق المتجددة في التشكيل العربي المعاصر، وأبرزت الأصول العربية للحروفية فقالت: «في التاريخ الإسلامي والتراث العربي عرف مصطلح الحروفية عبر مجموعات فكرية وصوفية أقامت علاقة روحانية وأرقاماً وألغازاً وأبعاداً سحرية وما ورائية للحرف العربي ولمعانيه وقيمه القدسية».
وأشارت الدكتورة الصوفي إلى أن الاستعمال الحديث للمصطلح يدل على اتجاه لفن عربي المنشأ، وحداثي الأسلوب يتبنى الحرف العربي كعلامة ثقافية تشير إلى هوية عربية، وقالت: «بعد التفاعل مع الفن الغربي الحديث، اتجه الخطاطون والفنانون عامة، إلى استثمار الحرف تشكيلياً، وعمل النقاد والألسنيون على تحليل هذه الظاهرة وعلى استبطان المعاني الجديدة لها».
إبراهيم آيت زيان قال إن ورقته البحثية تأتي ضمن محاولات دؤوبة تسعى إلى تنويع مناهج الدراسات في نظرية الفن الإسلامي بشكل عام، والخط العربي خصوصاً، من خلال بنائها على المنظور الروحي في دراسة تفاصيل الفنون الإسلامية، وأضاف: «تحاول هذه الدراسة الكشف عن تلك الأسس التقليدية التي من خلالها يأتي مفهوم جوهرية الجمال واعتباره متعلقاً بمقام الروح، وتتمثل تلك الأسس في الإطار النظري التجريدي من جهة، وإنزاله على واقع المنظومة الخطية، سواء في المباشر للعملية الفنية ونظام تلقينه، أو في اختبار أدواته ومواده وتقنياته».
وحول «الأنساق الحروفية في الممارسة التشكيلية العربية» قال محمد العامري في الجلسة الثانية من الندوة، إن أهمية التوظيف الرمزي للحرف العربي في اللوحة المعاصرة تأتي من كونه يتيح التعامل مع الحرف كقيمة جمالية خالصة أقرب إلى العلامة، من دون التورط بالمفاهيم القرائية، لما تكونه الحروف من كلمات، أو عبارات، وأضاف: «أعطى ذلك التوظيف الفنان مجالاً أوسع للتحوير والتصرف بطبيعة الحرف بوصفه شكلاً جمالياً، ويأتي ذلك في سياق تطوير نظرية التلقي والإدراك عبر التأويل ومدياته المفتوحة من دون التمترس خلف العبارة المكتوبة التي تمكث في ما يسمى النص».
الدكتورة هالة الهذيلي بينت من خلال ورقتها أن واقع الفنون العربية المعاصرة يزخر بتشكلات مختلفة يبحث المبدع من خلالها عن نسج أساليب تعبيرية متجددة، تحاول رسم سجلات التفاعل بين الأصالة والمعاصرة، وأضافت قائلة: «يرتقي الحرف العربي إلى مصاف التعبيرات المتجذرة في تاريخ العملية المشهدية للفنون الإسلامية، وللفنون الخطية العربية تاريخ زاخر بالثراء التعبيري والتقني والمفاهيمي في أشكال فنية متعددة، وهو ما يسمح بامتداد جوهر الحرف وانتشاره في واقع الفنون المعاصرة عبر تجليات متعددة».
تعدد مصادر الإبداع والتلقي في الحروفية العربية كان هو موضوعاً آخر الأوراق البحثية المقدمة في الندوة، وقدمت من قبل الدكتور محمد عبد الرحمن حسن، الذي تناول من خلال مداخلته دراسة تطبيقية لحروفيات الفنان تاج السر حسن، وأبرز أنه ومنذ خمسينات القرن العشرين حظيت الأعمال التشكيلية التي تتخذ من الحرف العربي عنصراً أساسياً في إنتاج القيم الجمالية بعناية كبيرة.
وأضاف قائلا: «تصدر أهمية إعادة التفكير في واقع الحروفية العربية من خارج فكر الحداثة الغربية عن عدة أسباب، من بينها أن الحداثة الغربية لم تعد تفهم في معظم مناطق الجنوب باعتبارها حدثاً إيجابياً خالصاً ينبغي محاكاته، وكذلك العودة التدريجية للحروفية العربية على المستويين العربي والعالمي بعد أن شهدت انحساراً في الربع الأخير من القرن العشرين».
الخليج